إن اجتثاث ومكافحة الغش التجاري وانتهاك حقوق الملكية الفكرية من جذورها هو افضل بكثير من العلاج الحالي والمتمثل بمحربتها فقط على حدود الدول أو داخل اسواقنا المحلية. كما نعلم ان كل جهة رسمية في الدول تسعى جاهدة للقيام بواجبها تجاه مكافحة الغش التجاري وتزوير العلامات والمنتجات التجارية وذلك تحت ضوابط وقوانين محددة وواضحة تحدد لك جهة رسمية واجباتها وآلية عملها.
لكن السؤال هو هل قامة الشركات والمؤسسات التي تعاني من ضاهرة الغش التجاري لعلاماتها والتقليد لمنتجاتها الاصلية بواجبها لحماية منتجاتها؟
الوقاية خير من العلاج كثير ما نرددها هذه السياسة الا اننا نغفل عن تطبيقها في حياتنا العملية على جميع السمتويات سواء مستوى الفرد ,المؤسسات أو الشركات. هذه السياسة يمكن تطبيقها في الاسواق المحلية والعالمية. الذي يجعلنا نطرح هذا التسائل هو ما عرضته احدى الشركات العالمية في مجال صناعة الادوية في احد المؤتمرات الدولية من اجراءات صارمة وفريدة من نوعها وعلى مستوى عالي من الاحترافية اتخذتها لحماية منتجاتها. هذه الشركة المتظررة والرائدة في مجال الادوية اتبعت خطوات جريئة كان من شأنها القضاء على تقليد علامتها التجارية نهائيا . وللفائدة فقد قمنا بحصر هذه الخطوات كما وردت في المؤتمر كمايلي:
1) في البداية قامة هذه الشركة بعمل مسح شامل لكافة الاسواق الداخلية والعالمية التي لحقها فيها الضرر ماديا ومعنويا بسبب انتشار المنتجات المقلدة لعلامتها التجارية فيها.
2) قامت الشركة بجمع الادلة والمعلومات لمعرفة المصدر الرئيسي للتصنيع ,والذي تبين فيما بعد انه في احدى دول شرق اسيا.
3) تابعت الشركة تحرياتها وتحقيقاتها وحددت بعد ذلك الاشخاص المشتبه بهم , وقامت بمتابعتهم والتقاط صورا لهم اثناء عقدهم الصفقات المشبوهة وترويجهم لهذه الادوية المقلدة اضافتا الى صور خاصة بالمنتجات المقلدة اثناء التصينع, كما اخذت صورا للمصنع المقلد الذي من شدة قذارته لا يمكن ان يكون مصنع لاعلاف الدواجن عوضا على ان يكون مصنع لانتاج الادوية.
4) استطاعت الشركة الحصول على نسخ للرخص والتصاريح من نفس البلد التي تم بموجبها التصريح للمصنع المقلد بالعمل.
5) في المرحلة الاخيرة رفعة الشركة دعوى قضائية ضد هذه الشركة واصحابها وكل من ساهم في اضعاف علامتها التجارية في نفس البلد وقامة بالاستعانة بالوكالة العامة للغذاء والدواء بعد طلب تدخل السفارة في ذلك البلد لمتابعة القضية.
6) بعد استكمال المحاكمة وثبوت الادلة ادينة الشركة وتم اغلاق جميع مصانعها كما تمت مصادرة جيمع ارصدتها في البنوك وتم ايداع المعنيين والمسؤلين واصحاب الشركة السجن. كما امرت المحكمة باتلاف كامل انتاج الشركة دون استثناء وتعويض الشركة عن خسائرها خلال تلك الفترة. ورغم ان هذا العمل متعب الا انه نجح نجاح كبير جعل الكثير من الشركات الكبرى تحذوا حذو هذه الشركة.
لقد تمادى الغش التجاري للعلامات الرائدة والعالمية وكذلك المنتجات الخاصة والمحتكرة لدرجة ان بعض الدول تتبنى مثل هذه الانشطة. إن واجب الشركات العالمية التي تحترم علاماتها التجارية مقاومة مثل هذه الانشطة واجتثاثها من جذورها كما فعلت هذه الشركة الرائدة في سبيل حماية علاماتها التجارية. يجب ان لا تكتفي الشركات بمجرد الابلاغ عن منتج او علامة مغشوشة بل يجب عليها ان تبادر بجهودها الذاتية وتجيير جزأ من دخلها لمحاربة وملاحقة هذه الانشطة حيث يهدر الغش التجاري وتقليد العلامات الاصلية مليارات الدولارات على الشركات المصنعة صاحبة العلامة التجارية الاصلية على مستوى العالم. . يجب على الشركات القادرة على تتبع انشطتها على مستوى العالم البحث والتقصي عن مصادر البضاعة المقلدة وتتبع جميع خيوط القضية للحصول على بيانات ومعلومات كافية وكاملة عن المقلد تخولها من ملاحقته قانونياً. ان هذا الاجراء يعزز من موقف الشركة الاصلية وقضيتها في نفس البلد الذي تتم فيه عملية التقليد ويزيد من احترام علامتها التجارية.
إن تزايد هذه الضاهرة يفقد بعض العلامات الاصلية ثقة المستهلك تدريجيا خصوصا في مجال الغذاء والملابس والادوية وقطع غيار السيارات هذا ان لم ينسف ثقة المستهلك لهذه العلامة التجارية تماما والتي تطلب بناء مثل هذه الثقة سنين عديدة وجهد كبير قد يصعب فيما بعد اعادة مثل هذه الثقة.